السبت، 10 أكتوبر 2015

داخل رأس مكتئب

" كفاية وأوأة بقى "
لم توجعها الكلمة لأنها تعلم أنها حمل على غيرها ... لن تجد من يتحمل وجهها العابس و دموعها المنهمرة طوال اليوم
هي عبء ثقيل و بلاء لكل من يعرفها
تتقلب على فراشها و تتوسل للنوم أن يصالحها بعد فراق ليالي
تخشى أن يقلق أحد من المحيطين بها بسبب صوت أنفاسها من فمها المفتوح لأن أنفها انسد تماما مع سيل الدموع المتدفق من مقلتيها في صمت
قامت تترنح إلى المطبخ
في هذا الظلام الدامس التقطت سكيناً
أمسكته بإهمال و جلست على الأرض و أسندت ظهرها الي الحائط
سيل من الأفكار المتصارعة داخل رأسها
 " لماذا تبتليني بكل هذا الهم و الغم ؟؟؟
أستغفر الله ... لا يسأل عما يفعل و هم يسألون
ما الذي أغضبك مني يا رب الى هذا الحد
مازلت في الثامنة عشر من عمري
لم أسرق ... لم أرتشي ... لم أزن ... لم أقتل
ماذا فعلت لأخرج من رحمتك هكذا
أهو حجابي ؟؟؟
قصير غطاء رأسي ربما
أم أن قميصي يسبق ركبتي سروالي بسنتيمترات قليلة ؟؟؟
أهو أمر يستحق كل هذا العناء
يستوجب كل هذا الشقاء و كل هذا العقاب !!! "
فجأة شعرت بألم في معصمها فنظرت إليه بعينيها المتورمتين .
لم يتح لها الظلام أن ترى لونه لكنها كانت تشعر بدفء هذا السائل الذي ينساب من معصمها بسرعة ليملأ كفها الصغير .
أصابها الفزع  فرمت السكين بعيداً ...
" ويلي !!!
ماذا فعلت !!!
لقد صب علي جم غضبه بسبب حماقاتي الأهون من ذلك بكثير
ماذا سيفعل بي الآن ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
آسفة يا رب لم أقصد أبداً أن أتحداك
لم أعي أني أكسر قوانينك
أنا فقط لا أدري ما حدث و كيف حدث
ليس الآن فقط ... بل طوال سنوات عمري  لم أفهم شيئاً على الاطلاق
أتقيك كما أمرت فأخسر ... و يعصونك حولي فيرتفعون
يزداد الظلام حولي يوماً بعد بوم
ألجأ إليك أطلب منك العون ... لكني أصبح أثقل فأثقل
تخليت عني يا ربي و تركتني وحدي
حتى الموت الخلاص الوحيد من كل شقائي منعته عني !!!
لا أنام و لا أصحو حياتي كلها بين هذا و ذاك
بلا شك العالم سيكون أفضل بغيابي عنه
و حياة من حولي ستكون أسهل
لكن هل ستعذبني مجدداً في آخرتي ؟
ألم أعاني ما يكفي بعد !!!!
لا أفهمك و لا أعرف مرادك بي  "
ضغطت بقبضتها الصغيرة معصمها المجروح
وتسائلت كيف تنقذ الموقف  ...
" هل أستغيث بالنائمين ؟؟؟؟؟
سيغضبون مني كثيراً ... و سيبخونني أكثر ...
أربط معصمي و أخرج من المنزل بحثاً عن أقرب مشفى ... "
خارت قواها و عجزت عن الحركة قبل أن تصل لحل
" لا بأس ... لعل النوم داعبني وما كل هذا سوى أحد كوابيسي المرعبة ...
من زمن و أنا أفتقد التمييز بين الحقيقة و الخيال
بين نفسي و غير نفسي
سأغمض عيني اذاً و أنتظر أن أصحو من غفوتي ان كان حلماً في الصباح
أو أفيق في القبر ان كانت حقيقة "
غرقت في بحيرة الدماء حولها  وحيدة في الظلام
في استسلام تام و سكون من أي حركة ... سلام لم تعرفه من قبل و لن تعرفه بعد
بدأت ترى أضواء مختلفة و أناس لا تعرفهم يتكلمون بلغات لم تسمعها من قبل ...
ثم توقف كل شيء...
قتلها اكتئابها جسداً بعدما اغتال روحها منذ أمد
سرق بهجتها و شبابها ... أفسد عقلها و أتلف تفكيرها
 أضاعها عن عالمها و دنيتها ...و ربما أيضاً عن آخرتها 

لن يعلم إلا الله ما قد يكون مصيرها 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق