السبت، 23 مايو 2015

لو كان بيننا

انهي عملي سريعاً وأتنقل بين حجرات المرضى و اتجه فوراً إلي ملفاتهم لأنهي كل ما يحتاجونه من علاجٍ و فحوصٍ أسرع من أي يومٍ آخر من الأسبوعِ .
ليتاحَ لي سُويعاتٍ أجلسُ فيها بجانبِ رئيس القسمِ في عيادتِه أشاهدُ فحصَه للمرضى الذين ينتظرونَهُ من أكثرِ من أسبوعين ليستطيعوا أنْ يطرحوا أوجاعهَم عليهِ لدقائقٍ معدودة
أستمتعُ بهذا الوقتَ كثيراً , فالرجلُ مهذبٌ و خلوقٌ , حنونٌ لأبعدِ درجةً , عميقُ الخبرةِ في الطبِ و في الحياةِ
يلتقطُ متاعبَهم عن بعدٍ و يلمسُها برفقٍ و إن كانَ في وسعهِ الحُنُو عليهم و حمل بعض الأعباءِ عن كواهلهِم لا يتأخر أبداً
لا تضيعُ دقيقةً لي بجانبهِ أبداً, فإما أزدادُ فيها علماً أو خبرة حياتية
و إن كنتُ أخرجُ معه من العيادةِ في نهايةِ اليومِ متعبةً لكني دائماً أكونُ سعيدةً جداً لأني أمضيتُ ساعاتٍ بصحبةِ رجلٌ عظيمٌ مثلهِ , يعاملني كأبٍ لي قبلَ أن يكون معلماً
و هذا يجعلني أتفكرُ إن كانت هذه سعادتي برفقةِ أحد أساتذتي , فكيفَ ان كان معلم البشرية كلهم " عليه الصلاة و السلام" !
أي علم كنتُ أخرجُ بهِ من مجلسهِ , و أي خبرة دنيوية , و أي سعادة كانت تغمرني لو كان متاحاً لي رؤيتهِ و البقاءِ بجابنهِ و لو لوهلة !
يا لعظم خسارتنا و يا لعظم ما فقدنا
أفتقده كأبٍ حنونٍ  و رجلٍ حكيمٍ أحتمي بهِ من تقلباتِ الدنيا


فيارب ان كنت حرمت منه في الدنيا , فامنن عليَ بمرافقتهِ في الآخرةِ