انهي عملي سريعاً وأتنقل بين حجرات المرضى و
اتجه فوراً إلي ملفاتهم لأنهي كل ما يحتاجونه من علاجٍ و فحوصٍ أسرع من أي يومٍ
آخر من الأسبوعِ .
ليتاحَ لي سُويعاتٍ أجلسُ فيها بجانبِ رئيس
القسمِ في عيادتِه أشاهدُ فحصَه للمرضى الذين ينتظرونَهُ من أكثرِ من أسبوعين
ليستطيعوا أنْ يطرحوا أوجاعهَم عليهِ لدقائقٍ معدودة
أستمتعُ بهذا الوقتَ كثيراً , فالرجلُ مهذبٌ
و خلوقٌ , حنونٌ لأبعدِ درجةً , عميقُ الخبرةِ في الطبِ و في الحياةِ
يلتقطُ متاعبَهم عن بعدٍ و يلمسُها برفقٍ و
إن كانَ في وسعهِ الحُنُو عليهم و حمل بعض الأعباءِ عن كواهلهِم لا يتأخر أبداً
لا تضيعُ دقيقةً لي بجانبهِ أبداً, فإما
أزدادُ فيها علماً أو خبرة حياتية
و إن كنتُ أخرجُ معه من العيادةِ في نهايةِ
اليومِ متعبةً لكني دائماً أكونُ سعيدةً جداً لأني أمضيتُ ساعاتٍ بصحبةِ رجلٌ عظيمٌ
مثلهِ , يعاملني كأبٍ لي قبلَ أن يكون معلماً
و هذا يجعلني أتفكرُ إن كانت هذه سعادتي
برفقةِ أحد أساتذتي , فكيفَ ان كان معلم البشرية كلهم " عليه الصلاة و
السلام" !
أي علم كنتُ أخرجُ بهِ من مجلسهِ , و أي خبرة
دنيوية , و أي سعادة كانت تغمرني لو كان متاحاً لي رؤيتهِ و البقاءِ بجابنهِ و لو
لوهلة !
يا لعظم خسارتنا و يا لعظم ما فقدنا
أفتقده كأبٍ حنونٍ و رجلٍ حكيمٍ أحتمي بهِ من تقلباتِ الدنيا
فيارب ان كنت حرمت منه في الدنيا , فامنن عليَ
بمرافقتهِ في الآخرةِ