السبت، 30 يونيو 2012

على الهامش


أحضرت فنجان القهوة و اتجهت إلى مكتبها مبتسمة إبتسامة ترحيب بلحظاتها المفضلة من اليوم
عندما تنفرد بنفسها لتفرغ جيوب عقلها كاتبةً خواطرها عن حصيلة يومها.
حين يُتاح لها أن تحول غضبها و إحباطاتها إلى سطور منتظمة , و أن تخلع قناع التأدب مع أشخاص يحولون حياتها جحيماً فتلمسهم بعصاها السحرية المسماة بالقلم لتحولهم إلى كلمات تقول فيها لكل منهم صواعق عن أفعالهم الغبية...
قسمت ورقتها طولياً إلى الثلثِ و الثلثين كما اعتادت أن تفعل لتجعل لنفسها هامشاً تكتب فيه ما يقاطع سيل أفكارها فجأة مغايراً لاتجاه خاطرتها الحالية,
 فما لا تريد أن تنساه تضعه على هامشها و تعود إليه لاحقاً تهندمه و قد تجعل منه موضوعاً آخر تكتبه لاحقاً
بعد أن انهالت باللعنات على رئيسها في العمل و انتهت من صب غيظها منه على ورقتها , تفقدت هامشها ...
فاذا بإسمٍ يتكرر فيه مرتين , و بالأمس تكرر ثلاثاً ...
وله أسبوع يدعو نفسه ضيفاً على هامشها !!
تسائلت عن سر زياراته المتكررة لهامشها مؤخراً!
لعلها بوادر اهتمام به ... و قد يكون الأوان قد آن ليكون هو محور خاطرة الغد J
أخذت تراجع ذاكرتها تتفقد فيها كل ما يمكن أن تكتبه عنه ,
 فلم تجد له ما يكفي من رصيد مواقف أو مزحات أو ... إلتفاتٍ لها ... L
لو كان يسجل خواطره لما وضعها سوى في الهامش ...
استفزتها فكرة ألا تحتل سوى هامشه التافه :@
فقررت ألا يتعدى هو نفس المكان ...
فليبقى فكرة تداعبها من آن لآخر تجلب لها انفراجة لشفتيها ... لكنها لن تكتب عنها كي لا تعطيها مساحة من أوهامها قد تسبب لها الألم لاحقاً ...
لن يكون سطراً في حياتها طالما أنه لم يبدأها بإفراد صفحة من حياته لها ...
فهي في غنى عن قصة أخرى تتلوع فيها بمفردها دون أن يبادلها أو يسمع لها فيها أحد ...
ستجد شيئاً آخر تكتب عنه غداً بالتأكيد فالحياة مليئة بتطورات تثير شغفها ...
لكنها لن تسمح لرغبتها في ملأ أوراقها البيضاء بأن تزج بها في مخاطرة أخرى غير محسوبة ...
حملت قهوتها و قامت تصبها في الحوض و لا يشغل بالها سوى فضولها بما قد تحمله لها الحياة ليكون موضوعها غداً ...

السبت، 2 يونيو 2012

زميلي العزيز .. أنت وغد


                       
كنا ثلاثتنا في حجرة أطباء الاستقبال , فلاحظت و زميلتي ظهور دبلة فضية في يمناه .
فقالت باسمة :" مبروك يا محمد , دي قصة الحب اللي كنت حكيت لي عليها ؟"
لم أستغرب أنه حكى لها قصة الحب تلك و هي مجرد زميلة لعلمي بدرجة الإنفتاح هنا حتى أني ألقب مستشافانا هذا ب" ستار أكاديمي".
لكن الذي إستغربته حقاً هو رده :" لأ, ده موضوع جديد كده في السريع و هيخلص على طول "
_" هيخلص !!! طب إديني فرصة أفرح بيك دانا حتى لسه ببارك لك  !!"
فتح على نفسه أبواب النار , فرغم سطحية علاقتي به إلا أنني قررت تفجير حقدي الكمين على بني جنسه في شخصه . و ذنبه في ذلك أنه وغد!!!
كنت منتهية  لتوي من محاولة خطوبة فاشلة تلقيت فيها صدمة على رأسي ممن هو قرين له في " الوغودية" و كانت مشاعري محتقنة من الغيظ بفعل وغد آخر.

لم أحاول أن أوقف اندفاع الكلمات الفارّة من فمى وفوجئت بنفسي أقول :
 " على فكرة اللي اسمها محفور على دبلتك دي بني آدمة , يعني لازم تحترمها و متتكلمش بالاستخفاف ده عنها و عن موضوع يخصكم انتو الاتنين سوا , حتى لو فيه مشاكل بينكم أو الموضوع هيخلص فعلا لازم تكون ( gentle man ) و تبدي بعض الأسف إحتراماً لواحدة اديتك حيز من حياتها ويا ريت تحاول تكون تستاهله , يعني معتقدش هتكون مبسوط لو اتكلمت هيا عنك لزمايلها بنفس اللامبالاة و كأنها مستنية اللحظة اللي تدش فيها وراك قلة !!"
 و اندهش هو و اندهشت زميلتي التي أخطأت بسؤاله في وجودي ,
لكن اندهاشمها لم يجعلني أفيق بل استكملت :
" هو انتو ليه كلكم كده !!
ليه بتستخفوا بينا و بكرامتنا !!
ليه بترضولنا اللي مترضوهوش لأخواتكم !!
ليه بتفترضوا إننا مفروض علينا نشوف قرفكم كله و قلة ذوقكم ومعيلتكم و نستر عليكم و انتو تتفاخروا بالبهدلة اللي بتبهدلوهلنا !!
انتو فعلاً كلكو على بعض كده صنف منيل ما يستاهلش إن الواحدة منا تعمل له إعتبار
جاتكو القرف .............. "
و صمتت أخيراً وسط ذهولهما , و لم يحاول أياً منهما أن ينبث ببنت شفة أعتقد أن ذلك كان خوفاً من أن ينفتح فمي بالكلام ثانية ...
لكن الحقيقة لم تكن نظراتهما لي نظرات غاضبة ..
بل كانت مزيجاً من الدهشة و الشفقة ...
فعلاً شعرت ساعتها أنني مثيرة للشفقة ,
كانوا يرونني مسكينة رماها رجل دون أن يعبأ بشعورها ,
و كنت أرى نفسي مسكينة أطلعت الناس على مكنونات نفس جريحة تتسول منهم شيئاً لا تعرف ما هو ولا يمكنهم تقديمه لها في ذات الوقت ,
والعجيب اني لم اكن هذه و لا ذاك !!!
ما الذي دهاني فأفقدني عقلي بهذا الشكل !!!
ما الذي جعلني مستعدة للتنفيس عن غضبي في وجه أي رجل لمجرد أنه يتحدث باستخفاف عن إمرأة أخرى لا أعرفها حتى !!
رحمتك يا رب من جحيم عالم الرجال الذي علي أن أخطو فيه بحذر , فخطواتي الصغيرة السابقة قد تسببت في كوارث عقلية أصابتني بالفعل ...
رحمتك يا رب ...